أثر التغير المناخي ومحاولات إنقاذ الأرض بالفقاعات الفضائية
كتبت: فاطمة الزهراء مجدي
الفقاعات الفضائية ، “الأطفال هم الفئة الأقل مسؤولية عن تغير المناخ، إلا أنهم يتحملون العبء الأكبر لتأثيراته” هكذا بدأ الموقع العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة حديثه بصدد التغيرات المناخية وتأثيرها على العالم الآن وبعد سنوات من الآن في حياة أطفال هذا الجيل.
الحقيقة أن ظاهرة التغير المناخي لم تكن تأخذ الكثير من الاهتمام قبل سنواتٍ من الآن، نظرًا لعدم وجود أثرًا واضحًا في البيئة تستطيع أن تنسبه للتغير المناخي، غير التغيرات التي تأتي عن طريق التحولات الطبيعية في المناخ.
ولكن مع القرن التاسع عشر، خط الإنسان بيده أول محاولاته للنهوض بحضارته من جهة، ولإسهامه في تغيير المناخ من الجهة الأخرى، فمع الثورة الصناعية بدأت المصانع والآلات تُدار عن طريق حرق الوقود الأحفوري كالفحم والنفط.
الفقاعات الفضائية
التغيرات المناخية ما بدأ يعاني الكوكب منها حتى تركت أثرها على حياة الكثير من الناس، دفعت بعض المجتمعات إلى أن تترك موطنها كله وتغادره نظرًا لارتفاع مستوى سطح البحر، والجفاف والمياه المالحة التي وجدت طريقها لتتسلل بطريق المياه العذبة جاعلة الأمر مستحيلًا لبعض المجتمعات أن تكمل حياتها بنفس المكان.
ويعتقد الكثيرون أن فكرة تغير المناخ، أو الاحتباس الحراري تنحصر فقط في ارتفاع درجات الحرارة، وهي معلومة ليست خاطئة حيث أصبحت الكرة الأرضية مقارنة بما كان عليه الوضع في القرن التاسع عشر أكثر دفئًا بنسبة ١.١ درجة مئوية.
ولكن المعلومة لا تقف هنا، فالاحتباس الحراري لن يقف أثره عند ارتفاع درجات الحرارة، بل يمتد إلى إحداث جفاف بالعديد من المناطق، وندرة المياه فيها، والحرائق التي لم تكن بعيدة عن أعيننا فبأخر سنتين فقط سمعنا عن العديد من حرائق الغابات وليست في مكان واحد بالعالم بل منتشرة بشكلٍ كبير، وكذلك ذوبان الجليد وتدهور التنوع البيولوجي.
وكما هو متوقع، فإن عدم التصرف في حل لأي مشكلة في بادئ الأمر يجعل آثارها تتضخم بشكل أكبر، جاعلة السيطرة عليها شبه مستحيلة، ومكلفة بشكلٍ قد يمنع العديد من الدول حول العالم من أن تأمل في انتهاء مشاكلها الناتجة عن التغير المناخي.
ومن بين قائمة الحلول التي كانت قد قُدمت خلال أخر سنوات لحماية الأرض من آشعة الشمس وإنقاذ الكوكب من تبعات الاحتباس الحراري، هي الفقاعات الفضائية، وهي فكرة أنتجتها عقول عدة باحثين بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
فجاءت فكرة الباحثين نظرًا لعدة أسباب أولهم أن رغم التحذيرات غير المتوقفة فيما يخص ضرورة التحكم في الانبعاثات التي تضر الأرض، والبدء باستخدام بدائل للوقود الأحفوري أقل ضررًا منه، إلا أن سرعة تنفيذ الأمر لا تستطيع وصفها بالسرعة المطلوبة، فالعالم مازال متمسكًا بالوقود الأحفوري في العديد من الصناعات، والانبعاثات مازالت على وضعها كما كانت منذ سنوات.
ثاني الأسباب هو ما تسمى بالهندسة الجيولوجية الشمسية، وهي فكرة توصل لها الباحثين كعكس لظاهرة الاحتباس الحراري، حيث تكمن فاعليتها في عكس آشعة الشمس بعيدًا عن الأرض، عن طريق حقن جزيئات الهباء الجوي التي تعكس الآشعة بالغلاف الجوي العلوي للأرض.
تكمن المشكلة في الطريقة التي لم يتوصل لها الباحثون بحيث يستطيعون بها استعادة تلك الجزيئات، فالأمر سيكون في شكل التجربة التي قد يكتب لها النجاح أو الفشل، وفي حالة الفشل والعواقب غير الحميدة فإن استعادة تلك الجزيئات قد يكون خطرًا يمنع تنفيذ العملية كلها من الأساس قبل التوصل لحلها.
ما فعله باحثي معهد ماسوتشوستس هو تطويرهم للفكرة بطريقة تجعل الأمر أكثر أمانًا وفاعلية، حيث يتم تصميم درع يحتوي على الفقاعات الفضائية، يتم إطلاقه بنقطة تسمى لاجرانج١، وهي النقطة التي تتوازن فيها الجاذبية الأرضية والشمس.
والحل يكون في أن استعادة الدرع لن يكون مهمًا من الأساس، فسيظل الدرع في مداره إلى أجلٍ غير محدد، وحددوا حجمه فيما يقارب حجم دولة البرازيل، محتويًا على فقاعات مصنوعة من السيليكون لتكون بالفضاء الخارجي.
أسباب تغير المناخ
وفي النهاية كما بدأت المقال، إن الأرض لا تخصنا وحدنا، فكل الأطفال الذين يعيشون حولنا الآن ويبدأون حياتهم ستكون الأرض خاصتهم برحيلنا، فالأثر الذي نتركه على الأرض لن ينتهي بزوالنا، بل سيظل في حياة من يتبعونا سواء أكان أثرًا مطلوبًا وجيدًا أم كارثة يعانون منها ويتركوها دون حلٍ للجيل الذي يليهم تمامًا كما فعل جيلنا.