الذكاء الاصطناعي

تحالف تكنولوجي لرصد الصور المفبركة بالذكاء الاصطناعي

في عالمنا المعاصر، أصبحت الصور وسيلة قوية لنقل الرسائل والمعلومات والتأثير على الرأي العام. لكن مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، أصبح من الممكن إنشاء صور مفبركة أو معدلة بطريقة تخدع المشاهدين وتزيف الحقائق.

هذه الظاهرة تسمى بالـ”ديب فاك” أو الوجوه العميقة، وهي تستخدم تقنيات متقدمة من الذكاء الاصطناعي لتوليد صور واقعية لأشخاص أو أحداث لم تحدث في الواقع.

هذه الصور المفبركة تشكل خطرا على المجتمع والديمقراطية، حيث يمكن استخدامها لنشر الأخبار الكاذبة والتشويه السمعي والابتزاز والتلاعب بالانتخابات والتحريض على العنف والكراهية.

لذلك، يتطلب مواجهة هذا التحدي تعاونا بين جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الشركات التكنولوجية والناشرين والمستخدمين والجهات الرقابية.

في هذا المقال، سنتعرف على كيفية تعاون مجموعة من الشركات التكنولوجية الرائدة لمكافحة انتشار الصور المفبركة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي عبر الإنترنت.

اتحاد C2PA: مبادرة لوضع معايير للصور المصممة بالذكاء الاصطناعي

في شهر فبراير من عام 2024، أعلنت شركة ميتا، المشغلة لمنصات فيسبوك وإنستغرام، عن انضمامها إلى اتحاد C2PA، وهو اختصار لـ”مشروع التوثيق الموثوق للمحتوى” (Content Authenticity Initiative).

هذا الاتحاد هو تحالف بين عدة شركات تكنولوجية عملاقة، مثل مايكروسوفت وغوغل وOpenAI وأدوبي وشاترستوك ومنصة إكس، وهو يهدف إلى وضع معايير تقنية مفتوحة المصدر، تتيح للناشرين والشركات إضافة معلومات مختلفة داخل الصور المصممة بالذكاء الاصطناعي، مما يساهم في كشف مصدرها والمنصة المستخدمة في إنشائها وغيرها من المعلومات التي تكشف حقيقتها.

وفقا لبيان شركة ميتا، فإن هذه المعايير ستسمح بوضع علامات تبويب على الصور التي تم إنشاؤها باستخدام منصات الذكاء الاصطناعي الخاصة بتلك الشركات، لتوضح للمستخدمين أن هذه الصور غير حقيقية.

وستبدأ شركة ميتا في تطبيق هذا التحديث على الصور المنشورة على منصاتها مثل فيسبوك وإنستغرام وثريدز في الفترة المقبلة. كما سيتم تنفيذ هذه العملية بمجرد أن تبدأ شركات الاتحاد في تطبيق إجراءاتها الخاصة بوضع علامات مائية داخل الصور المصممة باستخدام منصاتها الداعمة للذكاء الاصطناعي.

هذه الخطوة تأتي لزيادة الوعي بين المستخدمين حول صحة الصور التي يتم تداولها، ولتمكينهم من التحقق من مصدرها ومدى تعديلها. وبهذا، يمكن للمستخدمين تجنب الوقوع في فخ الديب فاك والأخبار الكاذبة، والحفاظ على حقهم في الحصول على معلومات دقيقة وموثوقة.

العلامة النصية “Imagined by AI”: خطوة أخرى للتمييز بين الحقيقة والخيال

بالإضافة إلى انضمامها إلى اتحاد C2PA، فقد سبق أن كشفت شركة ميتا عن خطوة أخرى تتمثل في إضافة العلامة النصية “Imagined by AI” إلى المنشورات التي تحتوي على صور مصممة بمساعدة الذكاء الاصطناعي من ميتا AI على منصتي إنستغرام وفيسبوك، بالإضافة إلى التغريدات. هذه العلامة تهدف إلى تنبيه المستخدمين إلى أن هذه الصور ليست حقيقية، بل هي نتاج لخيال الذكاء الاصطناعي.

ميتا AI هي منصة تقدم خدمات مختلفة لإنشاء محتوى مبتكر وممتع باستخدام الذكاء الاصطناعي

 

الفوائد والتحديات لمكافحة الصور المفبركة بالذكاء الاصطناعي

من الواضح أن التعاون بين الشركات التكنولوجية لمكافحة الصور المفبركة بالذكاء الاصطناعي يحمل العديد من الفوائد، منها:

  • حماية حقوق الملكية الفكرية والخصوصية للمبدعين والمشاهير والشخصيات العامة، الذين قد يتعرضون للسرقة أو التشويه أو الاستغلال بواسطة الصور المفبركة.
  • تعزيز الثقة والمصداقية في المحتوى الرقمي، والحد من انتشار الأخبار الكاذبة والمضللة والمؤذية، التي قد تؤثر على الرأي العام والقرارات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
  • تشجيع الابتكار والإبداع في استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء محتوى ممتع ومفيد وملهم، بدلا من استخدامه للغش والتزوير والتخريب.

لكن هذا التعاون يواجه أيضا بعض التحديات، منها:

  • الحفاظ على التوازن بين حماية حقوق الملكية والخصوصية والحرية التعبيرية والابتكار، وعدم الانزلاق إلى الرقابة أو التقييد أو التمييز.
  • التعامل مع التقنيات المتطورة والمتغيرة باستمرار، والتي قد تتفوق على القدرة على اكتشافها أو مواجهتها أو منعها.
  • التنسيق والتعاون بين الشركات المختلفة والجهات المعنية، والتوافق على المعايير والممارسات والقواعد والآليات المشتركة.

بدائل ChatGPT.. تعرف على أفضل 8 روبوتات محادثة بالذكاء الاصطناعي

في ضوء ما سبق، يمكن القول أن التعاون بين الشركات التكنولوجية لمكافحة الصور المفبركة بالذكاء الاصطناعي هو خطوة مهمة وضرورية للحفاظ على سلامة وجودة المحتوى الرقمي، ولحماية المستخدمين والمجتمع من الآثار السلبية لهذه الظاهرة.

ولكن هذا التعاون يتطلب أيضا مسؤولية ووعي وتعاطف من جانب المستخدمين والمنتجين والناشرين والجهات الرقابية، لضمان استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة أخلاقية ومنصفة ومستدامة. وبهذا، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون صديقا وحليفا للإنسان، وليس عدوا أو خصما.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى